يعيش اللبنانيون ساعات ترقب شديد، متسمرين أمام شاشات التلفزيون لمتابعة الأخبار، خشية انتقال الحرب من قطاع غزة إلى بلادهم الغارقة في الأزمات السياسية والاقتصادية منذ 4 سنوات.
أما لسان حالهم هذه الأيام فيتساءل: “هل ستقع الحرب في بلادنا؟ وأين؟ ومتى؟”.
وفي حين يرى مراقبون أن حزب الله خطط لـ”اشتباكات مدروسة” عبر الحدود بين لبنان وإسرائيل لإبقاء القوات الإسرائيلية “منشغلة”، استبعد خبراء تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية” إمكانية توسع الحرب الدائرة إلى لبنان، إلا في حال تجاوزت إسرائيل “الخطوط الحمراء”، بينما رجحت وثيقة استخباراتية أميركية ألا يشن حزب الله هجوما كبيرا على إسرائيل.
هواجس 2006
وتعيد هذه الأيام هواجس الحرب التي وقعت بين حزب الله وإسرائيل عام 2006 إلى أذهان اللبنانيين، التي دمرت منازلهم والبنى التحتية في مناطقهم، كما قطعت الأوصال بين المدن وأدت إلى سقوط مئات الضحايا.
وتقول ليلى، وهي من سكان المناطق الحدودية مع إسرائيل، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لا نستطيع الابتعاد عن شاشات التلفزيون. نراقب كل الأخبار لمعرفة مصيرنا”.
وتضيف: “هربنا وتركنا منزلنا وبلدتنا شبعا بسبب القصف الذي تعرضت له قبل أيام، ونمضي ساعات طويلة أمام التلفزيون في منزل أحد أقاربنا، لمعرفة موعد عودتنا إلى بيتنا”.
كما يقول إبراهيم الذي يسكن بيروت لموقع “سكاي نيوز عربية”: “نعم نعيش هواجس ورعب حرب تموز (يوليو) 2006، ونتسمر ليل نهار أمام الأخبار”.
ويوضح: “بدأت أبحث عن منزل للإيجار شمالي لبنان فهناك لا وجود لحزب الله، بينما يبحث سكان القرى الحدودية عن منازل للإيجار في العاصمة ومحيطها”.
ويوضح سامر من البقاع: “لا نريد أن نعيد المشهد نفسه: القصف الصاروخي على الطرق الحدودية البقاعية فجر كل يوم في عام 2006 وسقوط الضحايا البريئة هنا وهناك”.
فهل تقع الحرب وتمتد إلى مختلف المناطق اللبنانية؟
يرى العميد المتقاعد الباحث في الشؤون الاستراتيجية هشام جابر، أن الرد الإسرائيلي على حماس لم يكتمل حتى الآن، رغم الإشارات القوية لشن هجوم بري في قطاع غزة.
واعتبر جابر في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “إسرائيل تعمد إلى وضع استراتيجية لاقتحام قطاع غزة بعد تقسيمه إلى مربعات وفصل بعضها عن البعض الآخر، واستعادة السيطرة الشاملة على منطقة غلاف غزة”.
وقال جابر إن “تكرار الاشتباكات ولو بشكل محدود عند حدود لبنان مع إسرائيل أمر طبيعي. تطور إلى مستوى اشتباكات محدودة متبادلة مع حزب الله، الذي قال إنه لا يبادر بل يرد على إسرائيل، والأخيرة ترد على الرد”.
وتابع: “لم يفتح حزب الله بعد جبهة جنوب لبنان، ولن يفتحها إلا في حالتين: الأولى إذا بدأت إسرائيل معارك على نطاق واسع فحتما سيرد بمئات أو آلاف الصواريخ وساعتها تشتعل الحرب، والثانية في حال حدث هجوم إسرائيلي على إيران، فمن المؤكد وقتها أن كافة الجبهات ستُفتح بما فيها جبهة الجنوب اللبناني”.
واعتبر جابر أن “الحديث الذي يتردد بأن حزب الله سيدخل المعركة بفتح جبهة الجنوب بمجرد الهجوم البري على غزة غير صحيح، لأن الحرب وقتها ستصبح حربا إقليمية، وهناك مسؤولية كبيرة عليه في هذه الحال داخليا وخارجيا”.
لا حرب
وفي السياق ذاته، استبعد عضو الجبهة السيادية اللبنانية المحلل السياسي بشارة خير الله نشوب معركة بين إسرائيل وحزب الله.
وأضاف لموقع “سكاي نيوز عربية”: “معادلة ضرب قذيفة والرد بقذيفة أو بصاروخ بين إسرائيل وحزب الله، تثبت أنه عقد سلاما غير معلن مع إسرائيل بعد ترسيم الحدود البحرية مع لبنان”.
وتابع: “هناك ترسيم حدود نظري أيضا بين الولايات المتحدة وإيران، وحاملات الطائرات ترابط في مياه شرق المتوسط. إيران فهمت الرسالة وأوصلتها إلى حزب الله”.
وحسب رأي خير الله فإن “المعركة تستمر منذ أسبوعين من دون أن يتدخل حزب الله بشكل مباشر فيها، وهذا دليل برأيي أنه لن يتدخل في الحرب الدائرة حاليا في قطاع غزة”.
وختم: “نحن نرفض إقحام لبنان في المعركة، مع العلم أن المناوشات على الحدود خرق للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية، وهذا أكبر دليل على أن قرار الحرب والسلم مخطوف من يد الحكومة اللبنانية من قبل حزب الله”.